
كتابة: مريـــم راشد المهيري منذ بداية عام 2020، عاش العالم فترة صعبة وأليمة، أدت الى شلل تام في مختلف المجالات وقطاعات الاقتصاد في العالم، توقفت الحياة بصورة شبه كاملة، فعشنا توقف المدارس والجامعات والشركات والمؤسسات عن تقديم الخدمات ولم يستطع الصغير أو الكبير الذهاب إلى أي مكان، ذلك بسبب فرض الإجراءات الاحترازية الصرامة منعاً لتفشي المرض بصورة أكبر.
لقد عاش العالم بكافة دوله الصغيرة منها والكبيرة، المتقدمة والنامية ، من آثار الجائحة وتحولت المساعي الدولية للبحث عن اللقاح الشافي، وللتقليل من آثار الاقتصادية الناتجة عن الاغلاق العالمي ، فشهدت كافة القطاعات دمار شامل وانخفاضات هائلة في مستويات الإنتاج، الامر الذي أدى في الملايين من البشر لفقدان وظائفهم وتعطيل مصادر رزقهــم، حتـى اشارت الإحصائيات العالمية بأن هنالك مالا يقل عن 150 مليون شخص حول العالم فقدوا وظائف خلال عام 2020 وحده.
ولكن لابد لعجلة الحياة ان تمشي مرة أخرى، فتظافرت الجهود وتعاونت الدول والشركات والمصانع الى إعادة توجيهاتها وسياساتها وقوانينها بما يساهم في التقليل من اثار هذه الجائحة، فسمح بشكل جزئي للعمل فأصحبت الشركات والمؤسسات تقوم بتقليل اعداد العاملين لديها وفرض التباعد في الاعمال وارتداء الكمامات والقفازات وتقليل ساعات العمل ووضعت العديد من القيود للمحافظة قدر المستطاع على استمرارية الاعمال.
ومع بدء مرحلة التخفيف من الإجراءات الاحترازية والسماح لبعض القطاعات مثل المطاعم ومحال البقالة وشركات التوصيل بالعمل حتى أوقات متأخرة، زاد التركيـز على التقنيات الالكترونية والتحول الرقمي ، لما تتمتع به من مزايا في تقديم الخدمات ، فاستغلت الشركات والمؤسسات مواقع الانترنت ومنصات التواصل الاجتماعي وبدأت مرحلة التسويق الالكتروني، التي أصبحت الملجأ الاوسع والأكثر جدارة لإعادة عجلة الاقتصاد للحياة مرة أخرى، فبدأت المصانع بتوفير المنتجات المختلفة التي تقدمها تلك المواقع وبيعها، مما جعل مختلف المحال التجارية الصغيرة والكبيرة والمطاعم تتسابق في طلب الانضمام لمختلف التطبيقات الالكترونية لتستطيع توفير الخدمات والمنتجات المختلفة وايصالها للمستهلكين.
فاستغلت الشركات التقنية العملاقة زيادة الطلب عليها، وبدأت باستحداث مجموعة من الأنظمة المختلفة التي تقدم خدمات إضافيـــة مثل الاتصال والتواصل بين الافراد من خلال الانترنت وبتقنيـــة الفيديو والبث المباشر وبصورة شبه مجانية، فتم استغلال ذلك لإعادة الطلبة الى مدارسهم، واعتماد نظام التعليم عن بعد في مختلف دول العالم.
وقامت الجهات الحكومية والخاصة بالتوجيه للإدارات التقنية لديها لتعزيز التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، وتطوير الخدمات ليستطيع الموظفون العمل من منازلهم، وتقديم مختلف الخدمات للمتعاملين بصورة كاملة دون الحاجة الى الذهاب الى مكاتبهم.
فأصبحت منصات التواصل الاجتماعي ومواقع الانترنت مرتبطة بقواعد البيانات ، ومهيئة لتقديم الخدمات بصورة كاملة من خلال التطبيقات الحديثة، واصبح الموظفون بمختلف مجالات اعمالهم يؤدون مهامهم اليومية وعقد الاجتماعات ، متابعة إجراءات الاعمال، اتخاذ القرارات من أي مكان في العالم وبشرط ان يكون مرتبط بالإنترنت.
كما قامت الشركات والمؤسسات الحكومية والخاصة تتسابق فيما بينها لتحسين الخدمات الالكترونية و التحول الى الذكاء الاصطناعي للرد على العملاء وتسجيل الملاحظات ورفع التوصيات بمختلف اللغات والاوقات وهو ما ساهم وبشكل كبير في التقليل من الضغوطات على العاملين وإنجاز الاعمال بصورة كاملة حتى اصبــح التواقيع والاختام من الماضي والتحول الى الموافقات الالكترونيـــة.
لقد كانت تجربة الكورونا فرصة سائحة للجميع للخروج من قوقعة الاعمال الروتينية وبدء مرحلة جديدة من تقديم الأعمال والخدمات من خلال العمل عن بعد، ووصل الحال في الكثيـر من الشركات الى الاستغناء عن المكاتب والقاعات الكبيرة والاستعاضة عنها بالمكاتب الصغيرة او حتـى الافتراضية التي تستطيع من خلالها تقديم خدماتها الاعتيادية وبصورة كاملة ودون الحاجة الى الحضور الشخصي من قبل العاملين او المتعاملين.
المصادر:
- الجماليات الجديدة في العصر الرقمي – كارولين كين – منصة المعرفة – مكتبة الكلية – اضغط هنـــا
- الزمن الرقم في عصر مجتمع المعلومات – احمد محمد - منصة المعرفة – مكتبة الكلية – اضغط هنـــا
Comentários